يُعدُّ البحث والتطوير في مجال الطاقة النووية أمراً بالغَ الأهمية في دعم وتحقيق طموحات دولة الإمارات العربية المتحدة في ميدان الابتكار والاستدامة، إذ يُمثل هذا المجال مساحة واسعة لتطوير أفكار خلَّاقة تُسهم في مواجهة التحديات الوطنية والإقليمية والعالمية، وهو ما يدعم رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة الطموحة لتعزيز مكانتها الرائدة في مجالات العلوم والتكنولوجيا.

البحث والتطوير منصة للابتكار الوطني
إنّ الاستثمار في البحث والتطوير في مجال الطاقة النووية يعزز من القدرة الوطنية على تحقيق الاكتفاءين العلمي والتقني، وتقديم حلول غير تقليدية لقضايا مُلحّة، فعلى سبيل المثال لا تُعَد الطاقة النووية مجرد مصدر نظيف للطاقة، لكنها أيضاً منصة للابتكار في مجالات متعددة مثل إدارة النفايات المشعة، وتصميم مفاعلات أكثر كفاءة وأمانًا، وتطوير تكنولوجيا صغيرة ومتوسطة الحجم تلائم الاحتياجات المتسارعة للدول الصناعية.
وعلى الجانب الآخر لا يُعَد البحث والتطوير مجرد عَملية عِلمية تهدف إلى تحسين التقنيات الدقيقة في مجال الطاقة النووية فحسب، بل فرصة لتطوير رأس المال البشري، وإطلاق العنان لإبداعات الكفاءات الوطنية عن طريق مراكز مثل مركز الإمارات للتكنولوجيا النووية، إذ يجري تمكين الباحثين والمهندسين الإماراتيين من إيجاد واستكشاف حلول متقدمة تسهم في تعزيز الكفاءة والأمن والأمان في إنتاج الطاقة النووية. وهذا التوجه يعزز من إنتاجية الاقتصاد المعرفي ويتيح الفرصة للكوادر الإماراتية للعمل جنبًا إلى جنب مع الخبرات العالمية، ما يُثري الفكر الإماراتي بطرق جديدة ويطور حلولًا مبتكرة يمكن تصديرها عالميًّا.

التأثير الإيجابي على التحديات المجتمعية
يمتد أثر البحث والتطوير في هذا المجال إلى مجالات أوسع من إنتاج الطاقة. ويمكن للابتكارات الناتجة أن تعالج التحديات المجتمعية بطرق متعددة، مثل:
• تحلية المياه باستخدام الطاقة النووية: يمثل هذا الحل خياراً مستداماً لمواجهة ندرة المياه في المنطقة، خاصة في ظل الطلب المتزايد على المياه الصالحة للشرب.
• التطبيقات الطبية: يشمل ذلك تحسين تقنيات العلاج الإشعاعي للأمراض المزمنة مثل السرطان، إلى جانب تطوير طرق تشخيصية أكثر دقة تعتمد على النظائر المشعة.
• تحسين الزراعة: يمكن استخدام التقنيات النووية لتحسين إنتاجية المحاصيل ومكافحة الآفات الزراعية بشكل مستدام، وهو ما يدعم الأمن الغذائي للدولة.

تعزيز الدور الإماراتي عالمياً
من خلال التركيز على البحث والتطوير في مجال الطاقة النووية، تعزز دولة الإمارات مكانتها لاعبًا رئيسيّاً في الساحة الدولية. وهذا الالتزام بالابتكار يعكس رؤية الدولة في أن تكون مركزاً عالمياً للمعرفة والتكنولوجيا. إضافة إلى ذلك فإن الاستثمار في البحث والتطوير يفتح الباب أمام شراكات دولية استراتيجية تُسهم في نقل المعرفة وتوطين التكنولوجيا النووية، وهو ما يتماشى مع مبادرات مثل «مئوية الإمارات 2071» وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.

رؤية مستدامة وأثر طويل الأمد
إن الدور الذي يؤديه البحث والتطوير في مجال الطاقة النووية لا يقتصر على الابتكار فحسب، بل يمتد لبناء منظومة تعليمية وعلمية مستدامة. ويتمثل ذلك في تعزيز القدرات الوطنية عن طريق إنشاء مراكز بحثية متخصصة وبرامج تدريبية متقدمة تُجهّز الأجيال المقبلة بمهارات رفيعة المستوى. كما يُسهم ذلك في إيجاد بيئة تشجع على التفكير الإبداعي وريادة الأعمال العلمية.

ويمثل البحث والتطوير في مجال الطاقة النووية ركيزة أساسية في رسم ملامح المستقبل الإماراتي، إذ يتحول الابتكار أداةً لتجاوز التحديات وتحقيق الأهداف الوطنية. ومن خلال تمكين العقول الإماراتية، وبناء شراكات دولية، وتعزيز الاستدامة، تُواصِل دولة الإمارات صياغة نموذج يُحتذى به في تحويل المعرفة العلمية إلى تطبيقات عملية تخدم المجتمع وتؤسس لنهضة مستدامة تتخطى حدود الزمان والمكان.

*مدير مركز الإمارات للتكنولوجيا النووية، جامعة خليفة